يختلف الناس في تعريفهم للقدر، فأغلبهم يرونه قوة عليا مسيطرة ومسيرة لكل نواحي هذه الحياة وأحداثها، سواء من يؤمنون بوجود إله خلق هذا الكون وهو مرجع هذا القدر، أو الذين يؤمنون من ماديين بوجود نظام كوني دقيق وموحد فقط وقوة داخلية تحدد هذا القدر وتتحكم به.القدر هو مجموع خياراتنا في هذه الحياة، فلسنا من وجهة نظري مسيرين إلا ربما في المرض والموت، إذا لم يكن حتى الموت نتيجة لخيارنا أو خيار شخص آخر، فالشخص حين تدوسه سيارة مثلاً فإنما يأتي ذلك نتيجة لاختيار شخص آخر للقيادة مسرعاً والمرور في ذلك الشارع في تلك اللحظة بالذات، واختيار الشخص المداس نفسه أن يعبر الشارع في تلك اللحظة ذاتها أيضاً، كثيرون مثلاً حين تواجههم صعوبات في حياتهم يلقون باللوم على القدر، بينما الحقيقة الساخرة هي أن الصعوبة جاءت نتيجة لاختيار قاموا به أو قام به شخص آخر، مثلاً إذا ما قدم أحد ما طلباً لوظيفة ورفض، فإما أن يكون السبب أنه اختار ألا يحضر نفسه بما يكفي، ربما علمياً، وربما نفسياً، وربما في القدرة على التعبيرعن نفسه، أو أن يكون ذلك نتيجة لاختيار صاحب العمل شخصاً آخر لهذه الوظيفة، وحين نُظلم فذلك لأن شخصاً آخر اختار أن يظلمنا، وذات الشيء ينطبق على ما نسميه بالصدفة، فما هي الصدفة ؟ إذا قلنا مثلاً أننا نصطلح على تسمية لقاء غير مقصود وغير مبرمج مسبقاً مع صديق بـ ” الصدفة “، وعدنا إلى وجهة النظر السابقة عن القدر، فإن هذه الصدفة ليست إلا تلاقي خياراتنا وخيارات الآخرين للتواجد في ذلك المكان في نفس الوقت، فيحدث اللقاء، أما حين تبحث عن شيء ما وتجد شيئاً آخر كما حدث مع كثير من العلماء، فإن الأمر لا يتعدى وجود شيء ينتظر الاكتشاف مسبقاً وكل ما يحدث هو انتباه الإنسان إليه واكتشافه، ولا يعني هذا أن ما لم نكتشفه بعد ليس موجوداً، ولا زال اختيار الإنسان هو الفيصل، فالعلماء الذين اختاروا أن يبحثوا، ثم أن ينتبهوا ويلاحقوا ما تنبهوا إليه، هم أساس ما اكتشفوه، دون أن نخوض في “كيف وجد أصلاًهناك ما اكتشف دون بحث، سقطت التفاحة فوق رأس نيوتن فاكتشف الجاذبية، بهذه البساطة، أليست هذه “صدفة” ؟، ولكنه اختار - على عكس ملايين الناس الذين سقط تفاح فوق رؤوسهم على مر الزمان- أن يفكر، كما أن الجاذبية موجودة أصلاً وتعطي ملايين الشواهد يومياً على ذلك، كانت فقط بحاجة إلى خيار التفكير في الأمر، يتخذه شخص كنيوتن في لحظة ما ليس إلا.ٍ ضربت صاعقة شجرة، فاكتشفت النار “بالصدفة”، أحقاً ؟، ألم يختر الإنسان أن يحاول إشعالها مجدداً ؟، ألم يختر أن يجد لها فوائد واستخدامات ؟، لكن ذلك لا ينفي اكتشافها بالصدفة، ودون تخطيط مسبق، هل شوهدت بالصدفة؟ لا لأنها ظاهرة متكررة، كما سقوط التفاحة، هل اكتشفت بالصدفة ؟ لا لأن ذلك ينفيه التنبه لها وبحثها ومحاولة إشعالها مجدداً، نعود لنقول أنها كانت موجودة سلفاً ، وما حذث هو تنبه لوجودها واختيار للتفكير وتتبع هذه الملاحظة.
4 مشترك
بين الصدفة والقدر
مصطفي كامل- عضو ماسى
- تاريخ التسجيل : 30/06/2009
عدد المساهمات : 503
العمر : 40
الجنس :
- مساهمة رقم 1
بين الصدفة والقدر
ahmed- Admin
- تاريخ التسجيل : 05/08/2008
عدد المساهمات : 442
العمر : 33
اوسمه :
الجنس :
- مساهمة رقم 2
رد: بين الصدفة والقدر
مشكوووووووووووور
ENG/M.KOSBER- المشرف العام
- تاريخ التسجيل : 02/09/2008
عدد المساهمات : 1644
العمر : 37
اوسمه :
الجنس :
- مساهمة رقم 3
رد: بين الصدفة والقدر
شكرااااااا على الموضوع الرائع
عاطف غنيم- عضو ماسى
- تاريخ التسجيل : 21/07/2009
عدد المساهمات : 440
العمر : 39
اوسمه :
الجنس :
- مساهمة رقم 4
رد: بين الصدفة والقدر
شكراً علي الموضوع الرائع
موضوع رائع
شكراً
موضوع رائع
شكراً